نوستالجيا الحنين في : لماذا لا تشيخ السلاحف


قراءة :

نوستالجيا الحنين في : لماذا لا تشيخ السلاحف 


انجاز : عزالدين الماعزي


1

أعتقد أن السؤال الذي لا يطرح نفسه الآن ليس هو العنوان، كعتبة للدخول إلى بنية النص بل هو محمول العناوين التي كرسها الكاتب في المجموعة القصصية1 التي بين أيدينا انطلاقا من عناوين فرعية : شاي أنا، سيادة المسؤول وأعين الغربال..، سفر عبر البريد،.. إلى البرزخ بين الخيانة والعشق، وبطاقة تعريف.

هذه النوستالجيا التي تعرفها المجموعة والتي أشرف الكاتب على إعطائها البعد الفني والجمالي إلى المتلقي بحنين جارف، إلى مفتقد في عالم وحشي غريب.. تنجرف بحنين الحب والذكرى والأمكنة والأهل والأحبة بكل قيمها الاخلاقية الشامخة ولحظاتها البريئة في قصص : شاي أنا ص  5، سيادة المسؤول ص6 ، إليك إلهي ص11 ، لحظة تأمل ص 19 ، ليتني أرحل ص28 ..

هل يكفي هذا الحنين إلى الكتابة الأولى..؟ أقول إنها كتابة أولى؛ خواطر شاب طموح، يكتب بمرح وتنافس وحماس منقطع النظير وفجأة توقف كل شيء، أضرب عن الكتابة وتوقف النبض، لكنه عاش حياته وانكتب باحثا، منقبا مشرعا أبوابها لتتأرجح على مصراعيها في التنقل والسفر والترحال من الوطن إلى خارجه ومن خارجه إلى داخله، بحثا عن قيم اخلاقية اختفت متسائلا في قصص قصيرة : لماذا لا تشيخ السلاحف ؟

2

  يكتب ع الله زهيد والاسم يوحي بالزهد، بالأناقة والبساطة، نصوصا ذات معان منفلتة متعددة الأهواء " إنه أنا ولا أحد سواي " المتفرد، الصانع البارع، الأنيق الخجول: أنا الكاتب، أناي القارئة والآخر جحيم بلغة سارتر. ولأن عيون الغربال واسعة جدا فإنه يهوى السفر كسنونو عبر البريد والرسائل والمحيطات، في جنة الفردوس محطما الساعات الحائطية وكل جدران وجرائم البشاعة والمناعة والهشاشة.

 3

يجيد عبد الله السباحة ويؤمن أن عقارب الساعة لا يمكن إيقافها وأن طول الليل لا بد له من فجر قادم.. يوجه رسائل إلى الإله طلبا للإنصاف بإمضاء طائر السنونو. إنه من طينة الملائكة التي تحلق في سماء البلدة، ريحه خصبة، يشعل النيران ولا ينحني كالديدان، عود ثقاب صالح للاشتعال.

نصوصه تدعو للتأمل والدهشة بعد الصدمة( الرجة) التي تحدثها..

إنه مع الكل وضد الكل..، هادئ، مهادن، يختزن لحظته، لا يحب الاختناق، وقدره مكتوب على الجبين؛ عدم التقوقع والركون، الإقامة في المكان الواحد تجفف ملح الصدر.

حزم حقائبه وغادر الكوكب بحثا عن عالم جديد، شاتما مقص الرقابة، يحلق كأنه طائر غادر عشه مستوطنا ظله بحثا عن الضوء الذي يشع..

4

في كتابته سخرية لاذعة والسخرية مقاومة ورغبة في انوجاد الذات ( العثور على الكفن )، إنه يعيش في قريته التي لا تغرب عنها شمس الحقيقة والفضيلة، تواق إلى الحب والمحبة بلغة الصوفيين ( اصنع لي مهدئا )..

نصوصه عذبة كحلوى الفستق، يدين الآخرين بالاستسلام ويدفع هالة التمرد والمقاومة والجهر بالحقيقة كاملة. " يمهد لولادة حلم مشروع.. لقد حجزوا له الأشيرة لكنه أدرك المكيدة.." ص52.


هامش : 

لماذا لا تشيخ السلاحف؟، عبد الله زهيد، قصص قصيرة، 2023, تصفيف وتصميم : دار بسمة لصناعة الكتاب، مطبعة ووراقة بلال، فاس.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الزلزال، كتابة الفاجعة. ق ق ج

كرسيتينا، قصة قصيرة