أمي زهرا، المرأة التي ماتت مجنونة
![صورة](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgoN1zMhdVfFvF1seiHfrtRQPKC4EGEuwWURkmK1OVypeN79fhIcrTKA1tgvlUyPHVyd-CKfXaKAUCyA9TmJhSshQZmcRiZqxzHeV2H9w5puqoxGYyeeGVcEh_mC-vlRm6kbahPLSjBU0w/s640/20171208_112843.jpg)
أمي زهرا، المرأة التي ماتت مجنونة عزالدين الماعزي كم تمنيتُ لو لم تكن هي، في الحبّ والصور بعينين عسليتين ناعستيْن وسيجارة سوداء في الفم وقبعّة ذات حواشي، تحدثك والدخان يتطاير شررا من فمها وأنفها. غريبٌ، أن أعود بذاكرتي لصورة فاتنة ذات معنى لن تتكرر وبوابة مقهى بوزو، أمامها علبة كازا وبين يديها عود سبسي طويل، تلقم رأسه بقايا عشب من ميكا مدورة . أحسّ بابتسامتها الماكرة تحلّق، وأنها امرأة عادية، تفتح فمها الأدرد حزينة كشاطئ مهجور، جبهتها مليئة بمئات التجاعيد، لا تتعب من جلسة القرفصاء. كل من عاندها تسبّه بلهجتها الجنوبية : سير البلى، الله يعطيك السمْ، سير تقوّد..، عُمرك م شتّي شي مرا تتكيّف . لوحةٌ عملاقة لامرأة من غير زماننا . ماتت أمي زهرا مرة أخرى، وتكسرت تلك اللوحة التي عمرت طويلا في ذاكرة أبناء البلدة . من أين جاءتْ؟، لا نعلم، أين كانت؟ لا ندري وتكاثرت الحكايا وتناسلت الاقوال بعد خبر الموت، وانغرزت إبرٌ في الذاكرة وعبرها تمدّد خوف ُ وارتعاشة المدعو الصعلوك (عزيز) وبينهما صورٌ موثّقة وذكريات وتخيلات .. من شلالات صوتها وهي تعبر الشارع الوحيد قائلة: كثيرة هي العصافير على ال